منتخب الأرجنتين لكرة القدم هو من أبرز وأشهر المنتخبات في العالم، وله تاريخ طويل مليء بالانتصارات واللحظات العظيمة. هذا المقال يستعرض تاريخ هذا المنتخب الرائع من البدايات إلى البطولات، مرورًا بالنجاحات الأولى ونجومه العظماء، وصولًا إلى العصر الذهبي الذي شكله أساطير مثل دييغو مارادونا وليونيل ميسي.
## البدايات: تأسيس منتخب الأرجنتين وتاريخه المبكر
تأسس منتخب الأرجنتين لكرة القدم في عام 1893، وعُقدت أول مباراة دولية له في 1901 ضد منتخب أوروجواي، والتي انتهت بفوز الأرجنتين بثلاثة أهداف مقابل هدفين. هذه المباراة كانت بداية رحلة طويلة ومليئة بالتحديات.
في السنوات الأولى، لعب المنتخب الأرجنتيني مباريات ودية بشكل رئيسي ضد منتخبات أمريكا الجنوبية الأخرى مثل البرازيل وتشيلي. تلك المباريات ساهمت في بناء هوية المنتخب وتطوير أسلوب لعبه المميز.
تأسيس الاتحاد الأرجنتيني لكرة القدم في عام 1912 كان خطوة حاسمة في تطوير المنتخب الوطني. هذا الاتحاد نظم البطولات المحلية وقدم الهيكل التنظيمي والإداري اللازم لدعم المنتخب.
في العشرينات، بدأت الأرجنتين بالتفوق في البطولات القارية، حيث فازت ببطولة كوبا أمريكا لأول مرة في عام 1921. هذه البطولة كانت مؤشرا على القدرات الكامنة في الفريق.
خلال تلك الفترة، اعتمد المنتخب الأرجنتيني على لاعبين موهوبين مثل مانويل فيريرا ورامون موتيسي، الذين أصبحوا من الأسماء البارزة في تاريخ المنتخب.
في عام 1930، شاركت الأرجنتين في أول بطولة كأس العالم لكرة القدم التي أقيمت في أوروجواي. وقد قدم الفريق أداءً ممتازاً ووصل إلى النهائي، لكنه خسر أمام منتخب أوروجواي بنتيجة 4-2.
هذه المشاركة الدولية عززت مكانة الأرجنتين كقوة كروية على الساحة العالمية، وأطلقت مسيرة الفريق في البطولات الكبرى.
في الثلاثينات والأربعينات، استمرت الأرجنتين في تقديم أداء قوي في البطولات القارية، وفازت ببطولة كوبا أمريكا في أعوام 1937 و1941 و1945 و1946.
التنافس بين الأرجنتين والبرازيل بدأ يتصاعد في تلك الفترة، وأصبح من أقوى وأشهر المنافسات في تاريخ كرة القدم، مما أضاف بُعداً درامياً لكل مواجهة بينهما.
## النجاحات الأولى: أولى البطولات والمشاركات الدولية
في الخمسينات، استمرت الأرجنتين في بسط نفوذها على الساحة الكروية القارية. فازت ببطولة كوبا أمريكا في عام 1957 بتشكيلة ضمت لاعبين موهوبين مثل عمر سيفوري وأنجيل لابرونا.
ولكن على الصعيد العالمي، لم تحقق الأرجنتين نجاحاً كبيراً في كأس العالم، حيث خرجت من الدور الأول في نسختي 1958 و1962. هذا الأداء الضعيف دفع الاتحاد الأرجنتيني إلى إعادة تقييم استراتيجيته.
في عام 1964، فازت الأرجنتين بكأس الأمم الأمريكية الجنوبية بعد تحقيقها انتصارات مبهرة على منتخبات قوية مثل البرازيل وأوروجواي. هذه البطولة كانت بداية عهد جديد من التفوق القاري.
في الفترة من 1967 حتى 1975، شاركت الأرجنتين في عدة نسخ من كوبا أمريكا، لكنها لم تحقق اللقب. إلا أن هذه المشاركات ساعدت في بناء فريق متماسك وقوي للسنوات المقبلة.
في السبعينات، بدأت الأرجنتين في التركيز على تنمية المواهب الشابة، وظهرت أسماء مثل ماريو كيمبس، الذي سيصبح لاحقاً من أهم اللاعبين في تاريخ المنتخب.
توجت الأرجنتين جهودها بالفوز بكأس العالم 1978 التي أقيمت على أرضها. بقيادة المدرب سيزار لويس مينوتي، وبأداء رائع من كيمبس الذي سجل هدفين في النهائي، تغلبت الأرجنتين على هولندا بنتيجة 3-1 بعد الوقت الإضافي.
هذا الانتصار أعطى الأرجنتين دفعة معنوية كبيرة وأثبت أنها قادرة على المنافسة والفوز في البطولات العالمية الكبرى.
في السنوات التالية، استمرت الأرجنتين في تقديم أداء قوي في بطولات كوبا أمريكا وكأس العالم، معتمدة على جيل جديد من اللاعبين الموهوبين.
في عام 1986، توجت الأرجنتين بكأس العالم للمرة الثانية بقيادة الأسطورة دييغو مارادونا، وسنستعرض هذه الفترة الذهبية بالتفصيل في القسم التالي.
## الأبطال العظماء: نجوم الأرجنتين عبر العقود
منذ بداياتها، كانت الأرجنتين حاضنة للمواهب الكروية الفذة، بدءاً من أسماء مثل ارنستو غريلو وأنخيل لابرونا في الخمسينات والستينات. هؤلاء اللاعبين كانوا النواة التي بُني عليها المنتخب الوطني.
في السبعينات، برز اسم ماريو كيمبس الذي قاد الأرجنتين للفوز بكأس العالم 1978. كيمبس كان هداف البطولة وأحد أبرز اللاعبين في تاريخ المنتخب الأرجنتيني.
الثمانينات كانت فترة ذهبية بفضل دييغو مارادونا، الذي يعتبره الكثيرون أفضل لاعب في تاريخ كرة القدم. أداؤه في كأس العالم 1986، وخاصة هدف “يد الله”، جعله أسطورة حية.
في التسعينات، استمر المنتخب في تقديم لاعبين مميزين مثل غابرييل باتيستوتا، الذي يعتبر أحد أفضل المهاجمين في تاريخ الأرجنتين. باتيستوتا سجل العديد من الأهداف الحاسمة في البطولات الدولية.
في تلك الفترة، برز أيضاً كلاوديو كانيجيا، الذي كان يشكل ثنائياً رائعاً مع مارادونا. كانيجيا ساهم بشكل كبير في وصول الأرجنتين إلى نهائي كأس العالم 1990.
في السنوات الألفين، شهد المنتخب ظهور لاعبين مثل خوان رومان ريكيلمي، الذي كان يعتبر من أفضل لاعبي خط الوسط في جيله، وهرنان كريسبو، الذي كان يملك مهارات هجومية رائعة.
في العقد الأخير، كانت الأرجنتين تعتمد بشكل كبير على ليونيل ميسي، الذي يعتبره الكثيرون أفضل لاعب في تاريخ كرة القدم. ميسي قاد الأرجنتين للفوز بكوبا أمريكا 2021، محققاً أول لقب كبير له مع المنتخب.
تاريخ المنتخب الأرجنتيني مليء بالنجوم، وكل جيل أضاف شيئاً جديداً لمسيرة الفريق. من كيمبس إلى مارادونا وصولاً إلى ميسي، كانت الأرجنتين دائماً مركزاً للإبداع والمهارة.
المنتخب الأرجنتيني لم يكن فقط يعتمد على الأفراد، بل على قوة الفريق الجماعية والتكتيكات الذكية، مما جعله دائماً منافساً شرساً في البطولات الكبرى.
## عصر مارادونا وميسي: الأساطير الحديثة للمنتخب
عصر دييغو مارادونا بدأ في الثمانينات، حيث كان اللاعب الشاب قد أظهر موهبته الفذة في البطولات المحلية والدولية. مشاركته في كأس العالم 1982 كانت البداية، لكن الإنجاز الأكبر جاء في 1986.
في كأس العالم 1986، قاد مارادونا الأرجنتين للفوز بالبطولة من خلال أداء مذهل. سجل هدفين في مرمى إنجلترا في مباراة ربع النهائي، أحدهما هدف “يد الله” والثاني هدف اعتبره الكثيرون الأفضل في تاريخ كأس العالم.
مارادونا كان يتمتع بمهارات فردية خارقة وقدرة على تغيير مجرى المباريات. قدرته على القيادة والابتكار جعلته رمزاً للأرجنتين ولعالم كرة القدم بشكل عام.
في التسعينات، واجه مارادونا تحديات عديدة، بما في ذلك مشاكل صحية وإيقاف بسبب المنشطات، لكنه ظل رمزاً للمنتخب وقدم أداءً رائعاً في كأس العالم 1994 حتى تم إيقافه مرة أخرى.
بعد اعتزال مارادونا، بدأت الأرجنتين رحلة البحث عن خليفته، وظهر في الأفق نجم جديد: ليونيل ميسي. ميسي بدأ مسيرته الدولية في منتصف العقد الأول من الألفية الثالثة وأظهر بسرعة أنه الوريث الشرعي لمارادونا.
ميسي بدأ مسيرته مع برشلونة وسرعان ما أصبح أحد أفضل اللاعبين في العالم. مع المنتخب، واجه ميسي تحديات كثيرة، منها خسارة نهائي كأس العالم 2014 وثلاث نهائيات كوبا أمريكا.
ولكن في عام 2021، نجح ميسي في قيادة الأرجنتين للفوز بكوبا أمريكا، محققاً أول لقب كبير له مع المنتخب الوطني. هذا الانتصار جاء بعد سنوات من الانتظار والجهد، وأثبت أن ميسي هو بالفعل أسطورة حية.
مارادونا وميسي يمثلان فترتين ذهبيتين في تاريخ منتخب الأرجنتين. كلاهما أظهر مهارات فائقة وقدرة على القيادة، وكان لهما تأثير كبير على مسيرة المنتخب.
على الرغم من اختلاف أسلوب اللعب بينهما، فإن تأثيرهما على المنتخب كان حاسماً. مارادونا كان رمزاً للمهارة الفردية والشجاعة، بينما ميسي يمثل الابتكار والاستمرارية.
تاريخ منتخب الأرجنتين مليء باللحظات